top of page
بحث

الكمالية.. حين يصبح السعي للكمال عائقًا للرضا والسعادة

  • rawabi.aldossary
  • 8 أبريل
  • 3 دقائق قراءة

تاريخ التحديث: 10 أبريل


هل شعرت يومًا أنّك مهما أنجزت، ما زلت بعيدًا عمّا تطمح إليه؟ أو أنّك تطارد أهدافًا دون أن تعرف على وجه الدقة ما هو الهدف الحقيقي؟في زمن وسائل التواصل الاجتماعي والضغط المجتمعي المتزايد، أصبح الكثير منّا يقارن نفسه بالآخرين، يرى نجاحاتهم فيشعر بالتأخر أو الفشل، رغم أن الواقع يقول: "المقارنة غير منصفة، والمعايير مضللة."


"99% لا تكفي!"

قد تبدو هذه العبارة مألوفة، لكنها تعبّر عن نمط نفسي عميق يُعرف بـ "الكمالية". وهي ليست مجرد رغبة في التميز، بل شعور داخلي دائم بأن كل إنجاز غير كافٍ، ولا يستحق الرضا.



ما هي الكمالية؟

الكمالية ليست شعورًا عابرًا أو سلوكًا عفويًا، بل هي نزعة داخلية ملحّة تدفع الشخص إلى محاولة تحقيق معايير مرتفعة في شتى مجالات حياته.ورغم النجاح، يبقى الإحساس بالنقص مسيطرًا، وكأن الرضا والسعادة بعيدان عن المتناول.


هل الكمالية اضطراب نفسي؟

لا تُصنّف الكمالية اضطرابًا نفسيًا بحدّ ذاتها، لكنها قد تكون سمة شخصية ترافق بعض الاضطرابات مثل القلق والاكتئاب.وتتجاوز آثارها حدود الفرد إلى علاقاته مع من حوله: الشريك، الأسرة، الأصدقاء، وحتى الزملاء في بيئة العمل.


من أين تأتي الكمالية؟ فطرية أم مكتسبة؟

الأرجح أن الكمالية سلوك مكتسب، يتكوّن نتيجة أساليب تنشئة معينة في الطفولة. منها:

  • تكرار عبارات مثل: "يجب أن تكون الأول"، "لا تُخطئ"، "عيب تفعل كذا".

  • كثرة المقارنة بين الطفل وأقرانه.

  • ربط القبول بالإنجاز، لا بالشخص ذاته.

كل ذلك يزرع فكرة بأن القيمة الشخصية مرتبطة بالكمال، لا بإنسانيتنا الطبيعية التي تقبل الخطأ والتجربة.


كيف تؤثر الكمالية على حياتنا اليومية؟

  • في العمل: الانشغال بالتفاصيل المفرطة قد يُضعف الإنجاز ويُنهك الطاقة.

  • في العلاقات: التوقعات العالية تُسبّب الإحباط والتوتر وسوء الفهم.

  • نفسيًا: ترافقها مشاعر دائمة من القلق والتقصير، وقد تؤدي للاكتئاب.


هل الكمالية سلبية دائمًا؟

ليست كذلك. الطموح والرغبة في التطوير أمران إيجابيان، لكن الخطر يكمن في المبالغة. حين يتحوّل السعي للكمال إلى عبء نفسي وشعور دائم بعدم الكفاءة، يصبح عدوًا للنجاح والراحة.

تبنّ القاعدة الذهبية:"كن جيدًا بما يكفي – Good enough."


كيف نتعامل مع الكمالية؟

  1. التقبّل: لا بأس أن نُخطئ ونجرّب.

  2. التربية الواعية: خصوصًا مع الأطفال، امنحهم مساحة للتعلّم من الخطأ.

  3. تفهّم الفروق الفردية: لا أحد يشبه الآخر.

  4. التركيز على الجهد، لا النتائج فقط.

  5. إعادة تعريف الفشل: هو خطوة نحو النضج، لا نهاية المسار.


من يحدد المعيار؟ داخلك أم من حولك؟

كثير من الناس يقيسون ذاتهم بمعايير الآخرين دون أن يحدّدوا أهدافهم الشخصية بوضوح.تخيّل أن تقارن نفسك بمن هو أكبر منك سنًا أو أكثر منك خبرة!أحيانًا يكون الإنسان سابقًا لعمره، لكنه لا يشعر بذلك بسبب هذه المقارنات.


تأثير وسائل التواصل الاجتماعي

وسائل التواصل تُظهر لحظات النجاح المثالية فقط، فتوحي بأن الكمال ممكن وواقعي.تشاهد "منجزًا" واحدًا من كل شخص، فتظن أن الجميع يعيشون حياة مثالية… وهذا وهم.

 

ما السبب الحقيقي خلف هذا السعي للكمال؟

غالبًا ما تكون الكمالية ردة فعل لموقف مؤلم في الطفولة: نقد، تنمّر، فشل. الموقف لم يُعالج، فتكوّنت "نظارة داخلية" يرى بها الشخص نفسه والعالم.ولذا يبدأ بالسعي للكمال حتى لا يتكرر الجرح.

البعض يقول: "أريد نسيان الماضي."لكن الحقيقة: المشكلة ليست في الذكرى، بل في طريقة نظرنا لها.الوعي والرضا هما الطريق الحقيقي للتجاوز، وليس النسيان.


ضغط المجتمع والمعايير المضللة

في السابق، كان يُتوقع من الشاب أو الفتاة في عمر الثلاثين أن يكون متزوجًا، مستقرًا، ناجحًا.اليوم تغيّرت الحياة، لكن التوقعات لم تتغير.

لذا اسأل نفسك: هل هذه المعايير تناسبني؟لا تجعل رضا الناس معيارًا لرضاك عن نفسك.

"رضا الناس غاية لا تُدرك، ورضا الله غاية لا تُترك."


الحدود الاجتماعية والتدخلات غير المناسبة

وصلنا لمرحلة يتدخل فيها البعض في خصوصيات الآخرين:"لماذا لم تتزوج؟"، "لماذا لم تسافر؟"، "متى ستتوظف؟"ثقافة التدخل يجب أن تتغيّر. فالكلمة، وإن كانت بريئة، قد تُقال في توقيت خاطئ فتصبح مؤذية.

وفي المقابل، وضع الحدود لا يعني قطع العلاقات، بل موازنة بين اللطف والوعي والخصوصية.


الكمالية وتأثيرها على القرارات الشخصية

حتى في الزواج، قد يقع البعض في فخ التوقّع المثالي:"أريد شريكًا كاملًا."لكن الكمال لله وحده، وطلبه من البشر يُرهقنا ويُبعدنا عن الواقع.

للأسف، الكمالية منتشرة بين النساء أكثر من الرجال، وتتجلى في مظاهر مثل الهوس بالتجميل والتشابه المفرط، في محاولة للهروب من الإحساس بعدم الرضا عن الذات.


ختامًا

الوعي، والرضا، والنية الصادقة هي مفاتيح التحرّر من ضغط الكمال.لا تقارن نفسك بأحد، ولا تجعل معيار نجاحك خارجيًا.خطّتك، تقدّمك، سرعتك… تخصّك أنت فقط.

متى كانت آخر مرة قلت لنفسك: "أنا كافٍ، كما أنا"؟

 
 
 

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


جميع المشاركات

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • TikTok
  • LinkedIn
  • YouTube

© 2022 بواسطة Dawaok Blog. تم إنشاؤه بفخر مع Wix.com

bottom of page